تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البطريرك ساكو يحدثنا عن إعادة تكريس كنيسة الطاهرة في الموصل

الفاتيكتن

الفاتيكان - بطريرك بابل للكلدان، الكاردينال روفائيل ساكو، يحدثنا عن إعادة تكريس كنيسة الطاهرة في مدينة الموصل القديمة، والتي كانت قد تعرضت للتدنيس على يد مقاتلي الدولة الإسلامية عام ٢٠١٤، وتضررت أيضاً خلال معركة تحرير الموصل.

قال غبطته إنه على الرغم مما اختبره المسيحيون في العراق، ما يزالون يشعرون اليوم بدعوتهم للشهادة للإيمان في بلد تنتمي أغلبية سكانه إلى الإسلام. وذكّر بأن المسيحيين العراقيين عانوا الأمرّين وقد تعبوا من الوضع. وجاءت تصريحاته في وقت تشير فيها آخر الإحصاءات إلى أن عدد المسيحيين يصل اليوم إلى مائتي ألف نسمة، وقد شهد تراجعاً كبيراً إذ كان يُقدر بالملايين قبل اندلاع الحرب في العام ٢٠٠٣. ومع ذلك، شدد ساكو على أن المؤمنين لم ولن يفقدوا الإيمان والرجاء، مشيرا إلى أن كل شيء بالنسبة لهم يستند إلى الرجاء.

كنيسة الطاهرة الكلدانية شُيدت في منتصف القرن الثامن عشر، بعد الحصول على إذن خاص من الباشا، حاكم الموصل، والذي شاء أن يعبر عن امتنانه للمسيحيين لأنهم دافعوا عن مدينتهم في وجه الغزو الفارسي في العام ١٧٤٣. وقد بُنيت الكنيسة في الموقع حيث كان قائماً دير القديس جبرائيل في القرن الخامس ميلادي، وقد تحول في القرنين التاسع والعاشر إلى مدرسة لاهوتية عريقة. وقال الكاردينال ساكو إنه في ذلك الدير أبصرت النور الليتورجيا الكلدانية، مضيفا أنها ليتورجيا الروح وأن ابتهال الروح القدس هو ما يبدّل كل الأشياء.

ولفت إلى أن تلك الصلوات الليتورجية تتميز بقصرها وبساطتها وهي مأخوذة مباشرة من الكتاب المقدس. كما ذكّر بالصلبان، التي تحمل نمطاً كلدانيا، وتزيّن الكنيسة، وهي مجردة لا تحتوي على جسد المصلوب كما هي الحال في الكنائس الغربية، مشيرا إلى أن هذه الصورة تمنح المؤمن الرجاء إذ تقول إن الرب يسوع قام من بين الأموات، وحتى لو تعرض المؤمنون في العراق إلى الاضطهاد، حتى لو قُتلوا، فهم يحتفظون في قلبهم بهذا الرجاء.

البطريرك ساكو ترأس قداس إعادة التكريس يوم الخميس الفائت، وقد جرت مراسم علمانية استقطبت عدداً كبيراً من الصحفيين في الموصل، بالإضافة إلى عمدة المدينة وحاكم ولاية نينوى. أما الاحتفال الليتورجي فقد تم في أجواء من الخشوع، وشارك فيه عدد ضئيل من المؤمنين الكلدانيين، وتخللته ترانيم وصلوات باللغات العربية والآرامية الجديدة والفرنسية، وقد تم اعتماد هذه اللغة للتعبير عن امتنان المؤمنين لوفد من منظمة "عمل الشرق" التي مولت مشروع ترميم الكنيسة.

وبعد ثماني سنوات على عملية تحرير الموصل من قبضة داعش عادت قلة قليلة من المسيحيين إلى العيش في المدينة بشكل مستقر. لذا فإن معظم المؤمنين الذين شاركوا في احتفال إعادة التكريس قدموا من القرى المسيحية المجاورة. ومن بين هؤلاء شاب قدم من قرية كرمليش ذات الأغلبية المسيحية، وقال في حديث لموقعنا الإلكتروني إن إعادة افتتاح كنيسة الطاهرة يمنحه الأمل في مستقبل المسيحيين في العراق، مضيفا أن الأوضاع اليوم باتت أفضل من السابق، مع أن أحدا لا يمكنه أن يعرف إلى ماذا ستؤول إليه الأوضاع السياسية، معربا عن أمنيته في أن يبقى المسيحيون في العراق بإذن الله.

وكانت  منظمة عمل الشرق قد مولت إعادة ترميم كنيسة أرثوذكسية هي كنيسة مار توما والتي تمت إعادة تكريسها الأسبوع الماضي، وقد جاء الاحتفالان تتويجا لمشروع انطلق في العام ٢٠٢٢. يُذكر أن "عمل الشرق" هي منظمة كاثوليكية فرنسية تعنى بخدمة المسيحيين في الشرق الأوسط.